للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى الليلة الثالثة فخرج إليهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما أصبح قال: " قد رأيت الذى صنعتم، ولم يمنعنى من الخروج إليكم إلا أنى خشيت أن تفرض عليكم "، وفى رواية للبخارى: " أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها " (١) .

إلى جانب روايات أخرى، والثابت أنها لم تأخذ الصورة التى عليها الآن إلا فى عهد عمر بن الخطاب، حيث جمع الناس علَى أبىّ بن كعب، وأخرج القناديل إلى المسجد، فجعلهم جماعة واحدة بعد أن كانوا يصلونها جماعات، وفرادى. وفى عهد على بن أبى طالب بقيت هذه السنة ولم يمنع المسلمين منها، بل على العكس كان معجبا بما قام به عمر، وروى أنه قال نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا (٢) .

ومع هذا نجد الإمام الشافعى ـ من المذاهب الأربعة ـ يرى عدم استحبابها جماعة، وإنما فرادى (٣) ، فلو اقتصر الشيعة الاثنا عشرية على عدم استحبابها لما كان هناك خلاف يذكر، فهم يرون قيام رمضان فرادى. لكن الخلاف الذى استحق الذكر هو أنهم أخذوا برواية موضوعة نتيجة لدور عمر في صلاة التراويح، وهو الخليفة الثانى، وكان له أثره في بيعة الخليفتين الأول والثالث، والثلاثة في نظر الشيعة الرافضة قد أخذوا حق علي في الخلافة، وهذه الرواية هي أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله، ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيصلى. فخرج من أول ليلة في شهر رمضان ليصلى ما كان يصلى، فاصطف الناس خلفه، فهرب منهم إلى بيته فتركهم ففعلوا ثلاث ليال. فقام في


(١) انظر فتح الباري (٣ / ١٠) رواية رقم ١١٢٩ وشرحها.
(٢) انظر: المبسوط ٢ / ١٤٤ – ١٤٥، والموطأ ١ / ١٠٢ – ١٠٥، والمغني ... ١ / ٨٠١ – ٨٠٤، وانظر كذلك: سبل السلام ٢ / ٩ – ١١، والمنتقي ص ٥٤١ – ٥٤٢، والبحر الزخار ٢ / ٣٥ وما في حاشيته من كتاب: جواهر الأخبار.
(٣) انظر الأم ١ / ١٢٥.

<<  <   >  >>