للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أظن هذا مستبعداً، ولكن ليس مستحيلاً!

ولم يَدُر جدل بين الجمهور والجعفرية حول معنى من معانى الخطبة كما ذكرها ابن إسحاق إلا في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، أمراً بينا، كتاب الله وسنة نبيه ". فالجعفرية يرون أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالتمسك بالكتاب والعترة في خطبة الغدير، وأنه ترك الثقلين كتاب الله تعالى وأهل بيته.

وليس معنى هذا أن الجعفرية يرون عدم طاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فليس بمسلم من يرى هذا، ولكنهم يرون أن الأئمة معصومون، وأقوالهم كأقوال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهى تعتبر عندهم من السنة، فلابد من الرجوع إليهم حتى لا تضل الأمة!

وننظر في مفتاح كنوز السنة فنجده يذكر وصيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتاب الله وسنة رسوله عن عشرة مراجع منها: الصحيحان، والمسند، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه (١) .

وفى صحيح البخاري نجد " كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة " ومما جاء في هذا الكتاب " وكانت الأئمة بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوا إلى غيره، اقتداء بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وفى الموطأ يروى الإمام مالك قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه " (٢) .


(١) انظر مفتاح كنوز السنة – باب الميم فيما ذكره عن محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... .
(٢) كتاب النهى عن القول بالقدر، وهذا الحديث الشريف وصلة ابن عبد البر من حديث كثير ابن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده (انظر تنوير الحوالك ٢/٢٠٨) . *
*وقال ابن عبد البر كذلك: مرسلات مالك كلها صحيحة مسندة (١/٣٨) . وقال جلال الدين السيوطى: " ما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد ... فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شىء " (نفس المرجع ١/٦) .

<<  <   >  >>