قال كاشف الغطاء:" وقع النزاع بين الفقهاء في أن الولاية المجعوله للفقيه الجامع لشرائط المرجعية هي الولاية الخاصة في موارد مخصوصة: كالرجوع إليه في الفتيا، وقطع الخصومات، وكل مورد قام الدليل على ولاية الفقية فيه، بحيث لو شك في مورد أنه له الولاية فالأصل عدمها. أو أن المجعول للفقيه الولاية العامة، بمعنى أن المجعول له هو الولاية العامة المجعولة للإمام بحيث تكون الولاية ثابتة له في كل مورد إلا إذا قام الدليل على عدمها "(١) .
ثم قال: " والحق هو الثانى، وأن الفقيه الجامع للشرائط قد جعل الله له من الولاية ما جعله للإمام، فيثبت للفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة المقدار الثابت للإمام: من السلطة الدينية، والسلطة الزمنية، والولاية العامة لأمور الناس، والرياسة المكلفة، والزعامة الشاملة فيما يخص تدبير شئون المسلمين العامة: الداخلية والخارجية، الدينية والدنيوية، وما يرجع لمصالحهم، وما يتوقف عليه نظم البلاد وانتظام العباد ورفع الفساد بالنحو الذى هو ثابت للإمام في الموارد التي يكون للإمام الإذن فيها يكون للفقيه الإذن فيها، وفى الموارد التي يكون للإمام التصرف فيها يكون الفقيه ذلك.
والحاصل أنه قد جعل الله تعالى للفقيه الجامع الشرائط في عصر الغيبة الكبرى كل ما جعله تعالى للإمام بما هو إمام يرجع إليه فى شئون تدبير الملة دينا ودنيا، لا بما هو مبلغ لأحكام الله تعالى، فإنه بالصفة الثانية لابد من إظهار المعجزة لصدقه، والعصمة لعدم خطئه، وإزالة حب الدنيا عن نفسه، لرفع التهمة عنه في التبليغ، ولا بما يرجع لتعظيمه واحترامه ومحض إكرامه. وإنما جعل الله تعالى للفقيه كل ما جعله للإمام من حيث رياسته على كافة الأنام، وسلطنته على سائر العباد وإدارته لأمور الملة، وإمامته لقيادة الأمة، لتنفيذ القوانين الدينية، وتدبير الشئون الحيوية.