السابقين وعلى من بايعهم، وهذا لم يثبت على الإطلاق، ولم أجد في كتب السنة التي رجعت إليها رواية واحدة تذكر مثل هذا الاحتجاج.
وفى الفصل الأول ذكرت ما رواه البخاري ومسلم عن بيعة أبى الحسن للصديق، وليس فيها ذكر لشىء عن الغدير، ولم ينكر الإمام على أحقية الصديق ولا فضله، وسر المسلمون بذلك الموقف وقالوا لعلى: أصبت وأحسنت، وكانوا إليه قريباً حين راجع المعروف، أي حين بايع، ولو نشد المسلمين هنا لشهد المئات ممن حضر الغدير، ومنهم من شهد بعد ذلك بالفعل في الكوفة، ولكنه بين سبب تأخره عن البيعة بقوله لأبى بكر:" إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصيباً ". وعند البيعة أمام المسلمين في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استغفر وتشهد، وعظم حق أبى بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبى بكر، ولا إنكاراً للذى فضله الله به، " ولكننا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً، فاستبد علنا، فوجدنا في أنفسنا ".
فالإمام على قد وجد في نفسه لأنه لم يشرك في أمر الخلافة واستبد به غيره، وله ما يؤيد وجهة نظره، فأمر خطير كهذا لا يُقضى دون مشورة أبى الحسنين ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وزوج ابنته فاطمة الزهراء، إلى جانب فضله وسبقه وعلمه. وعذر أبى بكر وعمر وسائر الصحابة كان واضحاً - كما يقول النووى - لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين، وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة، ولهذا أخروا دفن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى عقدوا البيعة لأنها كانت أهم الأمور، كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو