للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى رواية أخرى " لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً " وفى إحدى الروايات كذلك " لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثنى عشر ... خليفة " (١) ، وفى رواية لأبى داود " كلهم تجتمع عليه الأمة " (٢) .

وتحديد الخلفاء باثنى عشر هو الذي جعل الاثنى عشرية يحتجون بهذه الروايات، ولكن من الواضح أن هذه الروايات تشير إلى المدة التي يظل فيها عزة الإسلام والدين، وصلاح حال المسلمين. وعلى قول الجعفرية تظل هذه العزة وهذا الصلاح إلى يوم القيامة كما يظهر من قولهم في الإمام الثانى عشر!

وواقع الأمر ودلالة الروايات يدلان على غير هذا. ومن الواضح كذلك أن الأمة لم تجتمع على أئمة الجعفرية، بل لم يتولوا الخلافة أصلاً باستثناء الإمام على.

٣-أخرج البخاري (٣) عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: لما حضر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال: هلم أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدى. قال عمر: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله. واختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال، فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قوموا عنى.

قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

وعن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ اشتد برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجعه فقال: إئتونى أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً. فتنازعوا، ولاينبغى عند نبي تنازع، فقالوا: ماشأنه أهجر؟ استفهموه، فذهبوا يردون عليه فقال: دعونى فالذى أنا فيه خير مما تدعوننى إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيتها (٤) .

وفى رواية للإمام أحمد (٥) : حدثنا سفيان عن سليمان بن أبى مسلم خال ابن أبى نجيح، سمع سعيد جبير يقول: قال ابن عباس: يوم الخميس، وما يوم الخميس، ثم بكى حتى بل دمعه - الحصى، قلنا يا أبا العباس، وما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجعه فقال: ائتونى أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً،


(١) راجع مسلم – كتب الإمارة – باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش.
(٢) راجع سنن أبى داود – كتاب المهدى.
(٣) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة – باب كراهية الخلاف.
(٤) راجع صحيح البخاري - باب مرض النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووفاته.
(٥) المسند ج ٣ رواية رقم ١٩٣٥، وانظر تخريج الشيخ شاكر وشرحه لها.

<<  <   >  >>