للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فقد أوصاهم عند موته بوصايا ثلاث: أن يولوا عليهم علياً، وأن يخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأن يجيزوا الوفد بنحو ما كان يجيزه، لكن السلطة والسياسة يومئذ ما أباحتا للمحدثين بوصيته الأولى، فزعموا أنهم نسوها ".

ولسنا في حاجة إلى الحديث عن كبار الصحابة، رضوان الله عليهم. وعن تنزيههم عن مثل هذه المفتريات، ولكن يكفى أن نقول: بأن هذه الروايات ليست دليلاً قائماً بذاته وإنما يحتاج إلى أدلة أخرى لترجيح احتمالات الوصية الثالثة وما أريد كتابته، ولذلك احتج بحديث الثقلين للاستدلال، وهذا الحديث لم يصح له إسناد كما ثبت من قبل، والذى صح حديث التمسك بالكتاب والسنة، فلعله هو المراد من الوصية الثالثة.

على أن ذلك من باب الترجيح لا الجزم (١) . واتهام المحدثين بأنهم زعموا النسيان خوفاً من السلطة وميلاً مع السياسية، وهم يعلمون أن الوصية خاصة بخلافة على، هذا الاتهام لو صح فإنه يوجه إلى سعيد بن جبير، ويكفى لرده أن يعرف تاريخ سعيد، وشجاعته أمام الحجاج، وأن نقرأ ما كتب عنه في كتب الجعفرية أنفسهم (٢) .


(١) جاء في الموضع السابق من فتح البارى: " قال الداودى: الثالثة الوصية بالقرآن، وبه جزم ابن التين. وقال المهلب: بل هو تجهيز جيش أسامة، وقواه ابن بطال بأن الصحابة لما اختلفوا على أبى بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عهد بذلك عند موته. وقال عياض: يحتمل أن تكون هو قوله (ولا تتخذوا قبرى وثنا) فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود. ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله: الصلاة وما ملكت أيمانكم.
(٢) انظر ما كتب عنه في الغدير ١/٦٥.

<<  <   >  >>