للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج البخاري أيضاً بسنده عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضه الذي مات فيه عاصباً رأسه بخرقة، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنه ليس من الناس أحد أمن على في نفسه وماله من أبى بكر بن أبى قحافة، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عنى كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبى ... بكر " (١) .

وروى الخطبة كلُُّ من أحمد والترمذى بسند صحيح (٢) .

ومما مهد كذلك لخلافة الصديق أمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤم المسلمين في الصلاة عندما اشتد المرض ولم يستطع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤمهم، واستمر المسلمون مأمومين خلف أبى بكر إلى أن انتقل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الرفيق الأعلى.

وروى أحمد في مسنده بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود، وروى النسائي عنه أيضاً (٣) قال: " لما ُقبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: يا معشر الأنصار، ألستهم تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ". فإمامة الصلاة إذن مما مهد للإمامة الكبرى (٤)


(١) راجع صحيح البخاري - كتاب الصلاة: باب الخوخة والممر في المسجد.
(٢) راجع المسند جـ ٤ رواية رقم ٢٤٣٢. والترمذى: كتاب المناقب: باب مناقب أبى بكر الصديق.
(٣) انظر المسند ج ١ رواية رقم ١٣٣، وانظر كذلك ج ٥ الروايتين ٣٧٦٥، ٣٨٤٢ وانظر سنن النسائي - كتاب الإمامة، واللفظ لأحمد.
(٤) ذكر سيدى عبد القادر الجيلانى -الذي ينتهى نسبه إلى الحسن بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم - أن خلافة أبى بكر رضي الله عنه كانت باتفاق المهاجرين والأنصار وفيهم* *الإمام على، وذكر قول عمر في إمامة الصلاة التي رواها الإمام أحمد، ثم قال: " قيل في النقل الصحيح: لما بويع أبو بكر الصديق قام ثلاثاً يقبل على الناس يقول: ياأيها الناس أقلتكم بيعتى، هل من كاره؟ فيقوم على في أوائل الناس فيقول: لا نقيلك ولا نستقيلك أبداً، قدمك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمن يؤخرك؟ وبلغنا عن الثقات أن علياً - رضي الله عنه - كان أشد الصحابة قولاً في إمامة أبى بكر رضي الله عنه. وروى أن عبد الله بن الكواء دخل على على بعد قتال الجمل وسأله: هل عهد إليك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الأمر شيئاً؟ فقال: نظرنا في أمرنا فإذا الصلاة عضد الإسلام، فرضينا لدنيانا بما رضي الله ورسوله لديننا، فولينا الأمر أبا بكر ".

انظر الغنية ١/٦٨، وراجع كذلك القول في عدم تأخر الإمام على عن المبايعة فيما نقلناه عن فتح البارى في حاشية ص ١٨ من فصل الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة.

<<  <   >  >>