الثانى: قوله: " قد أجمعوا أنها نزلت في علىّ " من أعظم الدعاوى الكاذبة، بل أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علىّ بخصوصه، وأن عليا لم يتصدق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة المروية في ذلك من الكذب الموضوع.
وأما ما نقله من تفسير الثعلبى، فقد أجمع أهل العلم بالحديث أن الثعلبى يروى طائفة من الأحاديث الموضوعات، كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة عن أبى أمامة في فضل تلك السورة، وكأمثال ذلك. ولهذا يقولون:" هو كحاطب ليل ".
وهكذا الواحدى تلميذه، وأمثالهما من المفسرين: ينقلون الصحيح والضعيف.
ولهذا لما كان البغوى عالما بالحديث، أعلم به من الثعلبى والواحدى، وكان تفسيره مختصر تفسير الثعلبى، لم يذكر في تفسيره شيئا من هذه الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبى، ولا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبى، مع أن الثعلبى فيه خير ودين، لكنه لا خبرة له بالصحيح والسقيم من الأحاديث، ولا يمّيز بين السنة والبدعة في كثير من الأقوال.
وأما أهل العلم الكبار: أهل التفسير، مثل تفسير محمد بن جرير الطبري، وبقىّ بن مخلد، وابن أبى حاتم، وابن المنذر، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وأمثالهم ـ فلم يذكروا فيها مثل هذه الموضوعات.
دع من هو أعلم منهم، مثل تفسير أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. بل ولا ُيذكر مثل هذا عند ابن حُميد ولا عبد الرزاق، مع أن عبد الرزاق كان يميل إلى التشيع، ويروى كثيرا من فضائل علىّ، وإن كانت ضعيفة، لكنه أجل قدرا من أن يروى مثل هذا الكذب الظاهر.
وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أنه لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الواحد، من جنس الثعلبى والنقَّاش والواحدى، وأمثال هؤلاء المفسرين، لكثرة ما