الحجة، أو يصححه من يرجع إليه في ذلك. فأما إذا لم يعلم إسناده، ولم يثبته أئمة النقل، فمن أين يعلم؟ لا سيما في مسائل الأصول التي يبنى عليها الطعن في سلف الأمة وجمهورها، ويتوسل بذلك إلى هدم قواعد المسألة، فكيف يقبل في مثل ذلك حديث لا يعرف إسناده ولا يثبته أئمة النقل ولا يعرف أن عالما صححه؟!
الثالث:
أن هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلا وهو يعلم أنه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يرجع إليها في المنقولات، لأن أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب.
وقد رواه ابن جرير والبغوى بإسناد فيه عبد الغفار بن القاسم بن فهد، أبو مريم الكوفي، وهو مجمع على تركه، كذبه سماك بن حرب وأبو داود، وقال أحمد: ليس بثقة، عامة أحاديث بواطيل. قال يحيى: ليس بشئ. قال ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال النسائي وأبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن حبان البستى: كان عبد الغفار بن قاسم يشرب الخمر حتى يسكر، وهو مع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، وتركه أحمد ويحيى.
ورواه ابن أبى حاتم، وفى إسناده عبد الله بن عبد القدوس، وهو ليس بثقة. وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشئ رافضى خبيث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطنى: ضعيف.
وإسناد الثعلبى أضعف، لأن فيه من لا يعرف، وفيه من الضعفاء والمتهمين من لا يجوز الاحتجاج بمثله في أقل مسألة.
الرابع:
أن بنى عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلا حين نزلت هذه الآية؛ فإنها نزلت بمكة في أول الأمر. ثم ولا بلغوا أربعين رجلا في مدة حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن بنى عبد المطلب لم يعقب منهم باتفاق الناس إلا أربعة: العباس، وأبو طالب، والحارث، وأبو لهب. وجميع ولد عبد المطلب من هؤلاء الأربعة، وهم بنو