للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى الصحيحين من حديث ابن عباس قال: " لما نزلت هذه الآية خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحاه " فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فاجتمعوا إليه، فجعل ينادى: " يا بنى فلان، يا بنى عبد مناف، يا بنى عبد المطلب " وفى رواية: " يا بنى فهر، يا بنى عدى، يا بنى فلان " لبطون قريش فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا ينظر ما هو، فاجتمعوا فقال: " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقى؟ " قالوا: ما جربناعليك كذبا. قال: " فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد " قال: فقال أبو لهب: تبا لك أما جمعتنا إلا لهذا؟ فقام فنزلت هذه السورة: " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ " (سورة المسد: ١) .

وفى رواية: " أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم ويمسيكم أكنتم تصدقونى؟ " قالوا: " بلى ".

فإن قيل: فهذا الحديث قد ذكره طائفة من المفسرين والمصنفين في الفضائل، كالثعلبى والبغوى وأمثالهما والمغازلى.

قيل له: مجرد رواية هؤلاء لا توجب ثبوت الحديث باتفاق أهل العلم بالحديث؛ فإن في كتب هؤلاء من الأحاديث الموضوعة ما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع، وفيها شئ كثير يعلم بالأدلة اليقينية السمعية والعقلية أنها كذب، بل فيها ما يعلم بالاضطرار أنه كذب. والثعلبى وأمثاله لا يتعمدون الكذب، بل فيهم من الصلاح والدين ما يمنعهم من ذلك، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب، ويروون ما سمعوه، وليس لأحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمة الحديث، كشعبة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، وأحمد بن حنبل، وعلى بن المديني، ويحيى بن معين، وإسحاق، ومحمد بن يحيى الذهلى، والبخاري، ومسلم، وأبى داود، والنسائى، وأبى حاتم وأبى زرعة الرازيين، وأبى عبد الله ابن منده، والدار قطنى، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث ونقاده وحكامه وحفاظه

<<  <   >  >>