للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ " فنعته بالفضل. ولا خلاف أن ذلك فيه رضوان الله عليه، وقال سبحانه: " ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ" فشهدت له الربوبيه بالصحبة وبشره بالسكينه وحلاه بثانى اثنين. كما قال على كرم الله وجهه: من يكون أفضل من اثنين الله ثالثهما. وقال سبحانه: " وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ "، لا خلاف وهو قول جعفر الصادق رضوان الله عليه، وقول على كرم الله وجهه، إن الذي جاء بالصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذى صدق به أبو بكر. وأي منقبه أبلغ من هذا، ولما أخبرنا سبحانه وتعالى: أنه لا يستوى السابقون ومن بعدهم بقوله سبحانه وتعالى: " لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى "والخبر في البخاري مسطور: أن عقبة بن أبى معيط وضع رداء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عنقه وخنقه به، فأقبل أبو بكر يعدو حول الكعبة ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله؟ قال: فترك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقبلوا على أبى بكر فضربوه حتى لم يعرف أنفه من وجهه، فكان أول من جاهد وقاتل ونصر دين الله، وأنه الشخص الذي به قام الدين وظهر، وهو أول القوم إسلاما، وذلك ظاهر جلى.

وقال جابر بن عبد الله الأنصارى: كنا ذات يوم على باب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتذاكر الفضائل فيما بيننا إذ أقبل علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أفيكم أبو بكر؟ قالوا: لا، قال: لا يفضلن أحد منكم على أبى بكر، فإنه أفضلكم في الدنيا والآخرة.

وخبر أبى الدرداء المشهور قال: رآنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أمشى أمام أبى بكر، وقال: يا أبا الدرداء أتمشى أمام من هو خير منك؟ ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبى بكر. ومن وجه آخر: أتمشى بين يدى من هو خير منك؟ فقلت يا رسول الله: أبو بكر خير منى؟ قال: ومن أهل مكة جميعاً، قلت يا رسول الله: أبو بكر خير منى ومن أهل مكة جميعاً؟ قال: ومن أهل المدينة جميعاً، قلت: يا رسول الله: أبو بكر خير منى ومن أهل الحرمين؟ قال: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء بعد النبيين والمرسلين خيرا وأفضل من أبى بكر.

ونذكر في كثير منها تخيير عمر بعده ثم عثمان ثم على.

فمن ذلك خبر أبى عقال قد رواه مالك، وقد سأل عليا كرم الله وجهه وهو على المنبر: من خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم أنا، وإلا فصمت أذنأي إن لم أكن سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلا فعميت وأشار إلى عينيه إن لم أكن رأيته ـ يعنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يقول: ما طلعت الشمس ولا

<<  <   >  >>