أنه فرض صلاة سادسة وقت الضحى أو نصف الليل، أو أنه فرض حج بيت آخر غير الكعبة، أو أن القرآن عارضه طائفة من العرب أو غيرهم بكلام يشابهه، ونحو هذه الأمور ـ لكنا نعلم كذب هذا الكاذب، فإنا نعلم انتفاء هذه الأمور بانتفاء لازمها، فإن هذه لو كانت مما يتوفر الهمم والدواعى على نقلها عامة لبنى آدم، وخاصة لأمتنا شرعا، فإذا لم ينقلها أحد من أهل العلم، فضلا عن أن تتواتر، علم أنها كذب.
ومن هذا الباب نقل النص على خلافة علىّ، فإنّا نعلم أنه كذب من طرق كثيرة؛ فإن هذا النص لم ينقله أحد (من أهل العلم) بإسناد صحيح، فضلا عن أن يكون متواترا، ولا نقل أن أحدا ذكره على عهد الخلفاء، مع تنازع الناس في الخلافة وتشاورهم فيها يوم السقيفة، وحين موت عمر، وحين جعل الأمر شورى بينهم في ستة، ثم لما قتل عثمان واختلف الناس على على فمن المعلوم أن مثل هذا النص لو كان كما تقوله الرافضة من أنه نص على على نصا جليا قاطعا للعذر علمه المسلمون، لكان من المعلوم بالضرورة أنه لابد أن ينقله الناس نقل مثله، وأنه لابد أن يذكره لكثير من الناس، بل أكثرهم في مثل هذه المواطن التي تتوفر الهمم على ذكره فيها غاية التوفر، فانتفاء ما يعلم أنه لازم يقتضى انتفاء ما يعلم أنه ملزوم، ونظائر ذلك كثيرة.
ففي الجملة الكذب هو نقيض الصدق، وأحد النقيضين يعلم انتفاؤه تارة بثبوت نقيضه، وتارة بما يدل على انتفائه بخصوصه.
والكلام مع الشيعة أكثره مبنى على النقل، فمن كان خبيرا بما وقع وبالأخبار الصادقة التي توجب العلم اليقينى علم انتفاء ما يناقض ذلك يقينا، ولهذا ليس في أهل العلم بالأحاديث النبوية إلا ما يوجب العلم بفضل الشيخين وصحة إماماتهما، وكذب ما تدعيه الرافضة.