للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذنب باطل يدعو إلى الباطل، وأما في غير تلك الحال فالعقول تجوز عليه حالاً لمعصيته لما فيها من شائبة النفرة، فلا يتم له هدايته إلى الحق، ولو فرض أنها لا تجوز عليه حال الطاعة حال المعصية، لم يستحق أحقية الاتباع المطلقة المستمرة التي هي مراد في الآية الشريفة، ولو فرض الاستحقاق والحال هذه في الجملة، أو بقول مطلق، لم يكن في الاستحقاق للأتباع مثل إن لم يقع منه ذنب مطلقا، فإذا كان الاتباع إنما هو للهداية للحق والصواب الموجبة للنجاة من عذاب الله وسخطه، وجب في العقل اتباع من لم يجوز عليه العقل شيئاً من المعاصي بالقطع بحصول النجاة في اتباعه، دون من وقع منه الذنب، لعدم القطع بحصول النجاة في اتباعه " (١) .

ومعنى هذا أن الإمام غير المعصوم عندما يعصى ويفعل الذنب لا يصلح للدعوة إلى الحق، وفي غير حال المعصية لا يصلح كذلك، لأن العقول تجوز وقوع المعصية منه. وإذا فرض أنها لا تجوز ذلك في حال طاعته فإن غير المعصوم ـ مع هذا ـ ليس أهلا لأن يتبع الاتباع المطلق المستمر.

وأما السنة الشريفة فهى ـ في رأيهم ـ مستفيضة في الدلالة على العصمة، بل إنه " ما نشأ القول بعصمة الأئمة إلا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله " (٢) .

وهم يرون كذلك أن ما ورد في القرآن الكريم من العتابات المروية في حق الأنبياء عليهم السلام ليست مقصودة على ما هو المعروف عند سائر الناس، " فإن المعروف عندهم أن الشخص إذا عاتب آخر، والسيد إذا عاتب عبده، فإنه في تلك الحال واجد عليه أو مريد لعقوبته، لأجل مخالفته لما أمره به أو نهاه عنه، لأنه عاص له، قادم على مخالفة أمره، وأما عتاب الله عز وجل فإنه ليس من هذا القبيل؛ لأن أنبياءه لا يقدمون على مخالفته، وإن ما يقع منهم بمقتضى الطبيعة


(١) جوامع الكلم ١ / ٢٠.
(٢) الدعوة الإسلامية ص ٢٥٣.

<<  <   >  >>