للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي سورة طه (١) : " فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى"

فهذه الآيات الكريمة تذكر أن آدم رضي الله عنه قد أطاع الشيطان وعصى الله تعالى فغوى، وظلم نفسه. فلو كان معصوماً كالعصمة التي تدعى للأئمة ما فعل ذلك.

وكونه " إنما عصى حين صرف عنه وجه العصمة " (٢) يمكن أن يقال مثله عن أي إنسان، فكل إنسان معصوم إذن. وإنما يخطئ عندما يصرف عنه وجه العصمة! وليس الأمر كذلك! وإذا لم يكن ذلك ذنبا من آدم ـ كما قيل ـ فلم حاسبه الله تعالى وعاقبه ثم تاب عليه وهداه؟ ولم عد ذلك الذي فعله ظلماً وخسراناً وغياً؟

يقول ابن تيمية: " من زعم أن الله ذم أحدا من البشر أو عاقبه على ما فعله، ولم يكن ذلك ذنبا، فقد قدح فيما أخبر الله به وما وجب له من حكمته وعدله ". (٣)

ويقول فخر الدين الرازى ـ وهو يدافع عن مبدأ عصمة الأنبياء ـ إن ما نسب لآدم رضي الله عنه كان قبل النبوة. وأورد رأي أولئك الذين لم يجوزوا صدور المعصية عن الأنبياء قبل النبوة ولكنه لم يستطع أن يسلم بهذا الرأي، وانتهى ... إلى قوله بلزوم أن يكون اطلاق لفظ العصيان على آدم إنما كان لكونه تاركا للواجب (٤) .


(١) الآيتان: ١٢١، ١٢٢.
(٢) جوامع الكلم ١ / ٢٦.
(٣) جامع الرسائل ١ / ٢٧٥.
(٤) انظر عصمة الأنبياء ص ١٢ ـ ١٣.

<<  <   >  >>