للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحيث إذا لم تجارهم في القول والفعل تعمدوا إضرارك والإساءة إليك. فتماشيهم بقدر ما تصون به نفسك، وتدفع الأذى عنك، لأن الضرورة تقدر بقدرها " (١) .

واستدلوا على صحة هذا المبدأ بالآية الكريمة السابقة، وبقوله تعالى: (٢)

" إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ "

وبقصة عمار، فقد أخذه المشركون ولم يتركوه حتى سب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر آلهتهم بخير، ولم يؤثر ذلك في إيمانه، إلى غير ذلك من الأدلة التي تبيح للمؤمن أن يظهر غير ما يضمر حفاظاً على حياته أو عرضه (٣) .

والتقية في هذه الصورة لا تتعارض ومبادئ الإسلام، فلا ضرر ولا ضرار، والضرورات تبيح المحظورات.

ومن يرجع إلى التاريخ ير من الأهوال التي نزلت بالشيعة ما تقشعر منه الأبدان، وتأباه النفوس المؤمنة.

ونذكر على سبيل المثال: كتاب مقاتل الطالبيين لأبى الفرج الأصفهانى، فقد ترجم فيه لنيف ومائتين من شهداء الطالبين!

فمن العبث إذن أن يعرض الإنسان حياته للهلكة دون أن يكون من وراء ذلك وصول إلى هدف مقدس، أو غاية شريفة.

ويرى الإمامية أن " العمل بالتقية له أحكامه الثلاثة "

فتارة يجب كما إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة، وأخرى يكون رخصة كما لو كان في تركها والتظاهر بالحق نوع تقوية له، فله أن يضحى بنفسه، وله أن يحافظ عليها.


(١) الشيعة والتشيع ص ٤٩.
(٢) سورة النحل: الآية ١٠٦.
(٣) انظر: الدعوة الإسلامية ص ٣٨ – ٣٩ وأصل الشيعة وأصولها: ص ١٩٢ –١٩٥، والشيعة والتشيع ص ٤٨-٥٣.

<<  <   >  >>