للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى هنا أن الذين في قلوبهم زيغ، أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل، يصرفون المتشابه عن معناه الذي يوافق المحكم إلى ما يوافق أغراضهم وباطلهم، ولا يعلم تأويله الحق الذي يحمل عليه وتفسيره الصحيح إلا الله، والعلماء الثابتون في علمهم المتمكنون يرجعون المتشابه إلى المحكم، ويقولون: كل من المحكم والمتشابه من عند ربنا، فلا يمكن أن يخالف بعضه بعضا.

فكلمة تأويله الأولى تعنى تحريف المعنى، ولهذا يأخذون من القرآن الكريم " المتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم " (١) .

وكلمة تأويله الثانية تعنى التأويل الحق الذي يحمل عليه المتشابه، وهو المعنى الصحيح الذي لا يتعارض مع المحكم. وفى سورة النساء آية ٥٩: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أحسن تأويلا: أحسن عاقبة ومآلا.

وفى سورة الأعراف آية ٥٣: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} والتأويل هنا معناه: عاقبة أمره، وما يئول إليه ما أخبر به سبحانه وتعالى من الوعد والوعيد.


(١) تفسير ابن كثير ١ / ٣٤٥، وانظره إلى ص ٣٤٧.

<<  <   >  >>