للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثاني

التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية

ثلاثة وجوه:

قال الإمام الشافعى رضي الله عنه: فلم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن سنن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ثلاثة وجوه:

فأجمعوا منها على وجهين , والوجهان يجتمعان ويتفرقان. أحدهما ما أنزل الله فيه نص كتاب , فبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ما نص الكتاب. والآخر مثل ما أنزل فيه جملة كتاب , فبين عن الله تعالى معنى ما أراده.

وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما.

والوجه الثالث: ماسن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما ليس فيه نص كتاب. فمنهم من قال: جعل الله سبحانه له بما افترض من طاعته وسبق في علمه من توفيقه لرضاه، أن سن فيما ليس له فيه نص كتاب. ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب، كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة، وكذلك ما سن فيه من البيوع وغيرها من الشرائع لأن الله قال: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} ، وقال: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحرَّمَ الرِّبَا}

وأورد الإمام الشافعى قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه " (١) .

عدم كثرة ما يتصل بالتفسير من السنة:

ومن المعلوم أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين كثيرا من أحكام العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، وغير ذلك مما لم يبين في القرآن الكريم، ولا سبيل إلى معرفته إلا بهذا البيان النبوى، غير أن هذا البيان من الأحاديث المتصلة بالتفسير،


(١) انظر الرسالة للإمام الشافعى: ص ٢٨ ـ ٢٩.
والآيتان الكريمتان المذكورتان هما: رقم ١٨٨ من سورة البقرة، ورقم ٢٧٥ من السورة نفسها.

<<  <   >  >>