النار" (بحار الأنوار للمجلسى ٢٣/٣٩٠، والمجلسى ذكر قول المفيد لتأييد رأيه) . والمفيد كان رأس الإمامية، وشيخاً لشيخ طائفتهم أبى جعفر الطوسي.
وإلى جانب ضلال هؤلاء القوم وغلوهم نجد غلوهم في جانب آخر، فهم يرون أن الفاسق منهم يدخل الجنة وإن مات بلا توبة! (انظر أجوبة المسائل الدينية - العدد الثامن-المجلد التاسع ص ٢٢٦وراجع كتابى: فقه الشيعة الإمامية ١/١٥) .
الإمام كالنبي في عصمته وصفاته وعلمه: -
فالإمام يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمداً وسهواً، كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان!
ويجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل ومن تدبير وعقل وحكمة وخلق.
أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله.
وإذا استجد شئ فلابد أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإن توجه إلى شئ وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقى، لا يخطئ فيه ولايشتبه عليه، ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلي تلقينات المعلمين، وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد. وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليسدده ويرشده ويعلمه، فلما انتقل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الرفيق الأعلى ظل الملك بعده. ولم يصعد ليؤدى نفس وظيفته مع الأئمة بعد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١) .
(١)) انظر أصول الكافى: باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة (١/٢٧١-٢٧٢) وباب الروح التي يسدد الله بها الأئمة (١/٢٧٣-٢٧٤) وهذا الباب فيه ستة أخبار منها عن أبى * *عبد الله {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} قال: خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل، كان مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده. وفى الباب الأسبق ذكر أن روح القدس خاصة بالأنبياء، فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام. وروح القدس لاينام ولا يغفل ولايلهو ولا يزهو والإمام يرى به، وفيه الحاشية فسر الرؤية بقوله: يعنى ماغاب عنه في أقطار الأرض وما في عنان السماء! وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى! وانظر بحار الأنوار (٤٧/٢٥-٩٩) باب الأرواح التي فيهم (أي في الأئمة) وأنهم مؤيدون بروح القدس..وقال ابن بابويه القمي في رسالته (ص ١٠٨-١٠٩) : " اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة أنها موافقة لكتاب الله، متفقة المعانى، غير مختلفة، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه وتعالى " وهذا القمي صاحب كتاب " فقيه من لايحضره الفقيه ": أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية. وقال المجلسى: أصحابنا أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة. عمداً وخطأ ونسيانّا قبل النبوة والإمامة وبعهدهما، بل من وقت ولادتهما إلى أن يلقوا الله تعالى. ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخة ابن الوليد، فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام " (بحار الأنوار: ٢٥/٣٥٠-٣٥١) . وقال الطوسي: " لا يجوز عليهم- أي على الأئمة - السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله. فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهوا عنه ما لم يؤد ذلك إلى الإخلال بكمال العقل. وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم. والنوم سهو، وينسون كثيراً من تصرفاتهم أيضاً، وما جرى لهم فيما مضى من الزمن " (التبيان ٤/١٦٥-١١٦) . والطوسى يلقبونه بشيخ الطائفة، وهو صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة.