للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو من قبل أنفسهم، وقد روى عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم، فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت بالأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر؛ لكن يكون أخف جرماً ممن أخطأ، والله أعلم. وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين، فقال: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} فالقاذف كاذب، ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، وتكلف ما لا علم له به. والله أعلم.

ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن أبى معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلنى وأى سماء تظلنى إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم؟!

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا محمود بن يزيد، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمى، أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله:

{وَفاكِهَةً وَأَبًّا} فقال: أي سماء تظلنى، وأى أرض تقلنى، إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ ـ منقطع.

وقال أبو عبيد أيضاً: حدثنا يزيد، عن حميد، عن أنس، أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر.

وقال عبد بن حميد: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن يزيد، عن ثابت، عن أنس قال: كنا عند عمر بن الخطاب، وفى ظهر قميصه أربع

<<  <   >  >>