يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع.
وقال ابن جرير: حدثنى أحمد بن عبده الضبى، حدثنا حماد بن زيد حدثنا عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة وأنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع. وقال أبو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث، عن هشام بن عروة قال: ما سمعت أبى تأول آية من كتاب الله قط. وقال أيوب وابن عون وهشام الدستوائى، عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلمانى عن آية من القرآن، فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل من القرآن، فاتق الله وعليك بالسداد.
وقال أبو عبيد: حدثنا معاذ، عن ابن عون عن عبيد الله بن مسلم بن يسار، عن أبيه، قال: إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده. حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه. وقال شعبة، عن عبد الله بن أبى السفر، قال: قال الشعبى: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله. وقال أبو عبيد: حدثنا هشيم، أنبأنا عمر بن أبى زائدة، عن الشعبى، عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.
التفسير بالرأى عن علم:
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه؛ ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب فيما سئل عنه مما يعلمه؛ لقوله