العامة على الناس لتدبير شئونهم ومصالحهم وإقامة العدل بينهم، ورفع الظلم والعدوان من بينهم، وعلى هذا فإن الإمامة استمرار للنبوة.
الأئمة هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم، وهم الشهداء على الناس، وأبواب الله والسبل إليه والأدلاء عليه. فأمرهم أمر الله تعالى ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه وعدوهم عدوه. ولا يجوز الرد عليهم، والراد عليهم كالراد على الرسول، والراد على الرسول كالراد على الله تعالى، فيجب التسليم لهم، والانقياد لأمرهم، والأخذ بقولهم.
ولذا فالجعفرية يعتقدون أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من نمير ماء أئمتهم، ولا يصح أخذها إلا منهم، ولا تفرغ ذمة المكلف بالرجوع إلى، غيرهم، ولايطمئن بينه وبين الله تعالى إلى أنه قد أدى ما عليه من التكاليف المفروضة إلا من طريقهم.
مادامت الإمامة كالنبوة فهى لا تكون إلا بنص من الله تعالى على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو على لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق، فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه هادياً ومرشداً لعامة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يعرف إلا بتعريف الله تعالى، ولا يعين إلا بتعيينه.
ويعتقدون كذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نص على خليفته والإمام في البرية من بعده، فعين ابن عمه على بن أبى طالب أميراً للمؤمنين وأميناً للوحى، وإماماً للخلق في عدة مواطن، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم غدير خم. كما أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أن الأئمة من بعده اثنا عشر، نص عليهم جميعاً بأسمائهم، ثم نص المتقدم منهم على من بعده.