هذا هو تفسير الطبري للآية الأخيرة من سورة الفاتحة، وذكرنا من قبل بعض ما جاء في المقدمة عن المنهج الذي ارتضاه لتفسيره، وخلاصة هذا المنهج هو ما يأتى:
أولاً: الاستيعاب لكل ما بالناس إليه الحاجة بحيث يكون كتابه في التفسير جامعاً يكفى عن سائر الكتب غيره.
ثانياً: نقل ما اتفق عليه المفسرون، وما اختلفوا فيه، وبيان علل كل مذهب من مذاهبهم، وتوضيح ما صح لديه من ذلك.
ثالثاً: ذكر الطبري أن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة:
أحدها: لا سبيل إلى الوصول إليه.
الوجه الثاني: لا يعلم إلا ببيان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثالث: ما كان علمه عند أهل اللسان.
والوجه الأول يدخل في نهى الطبري عن القول في تأويل القرآن بالرأى.
والوجه الثاني يعتمد فيه على صحة النقل.
والوجه الثالث: يعتمد فيه على الشواهد من أشعار العرب السائرة، ومنطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة، ويضع الطبري هنا قيداً له أهميته وهو ألا يخرج التأويل عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.
هذا هو المنهج الذي رأى الطبري الأخذ به لتأليف كتابه في التفسير، فإلى أي مدى التزم بهذا المنهج؟
إذا نظرنا لتفسيره لختام فاتحة الكتاب نراه قسم الآية الكريمة ثلاثة أجزاء، وفى كل جزء يسترشد بكتاب الله تعالى لتوضيح المعنى، فالقرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً، ثم يسهب في ذكر الأخبار المسندة التي تؤيد هذا المعنى، وهذه سمة غالبة في تفسيره كله. ومن الإشارة إلى تخريج الأخبار وجدنا منها الصحيح وغير الصحيح. والطبرى عند اختلاف أهل التأويل نراه غالباً يختار ويرجح، ويصحح