الفقرة التالية للأثر رقم: ٦٠٥، إذ ذكر ما روى عن ابن مسعود وابن عباس، وما روى عن الحسن في بيان معنى " الخليفة "، واستظهر ما يدل عليه كلام كل منهم. ومن أجل هذا الاستدلال، لم يبال بما في الإسناد من وهن لا يرتضيه. ودليل ذلك أن الطبري نفسه قال في إسناد الأثر: ٤٦٥ عن ابن مسعود وابن عباس، فيما مضى ص: ٣٥٣ " فإن كان ذلك صحيحا، ولست أعلمه صحيحا، إذ كنت بإسناده مرتابا ... "، فهو مع ارتيابه في هذا الإسناد، قد ساق الأثر للدلالة على معنى اللفظ وحده، فيما فهمه ابن مسعود وابن عباس ـ إن صح عنهما ـ أو ما فهمه الرواه الأقدمون من معناه. وهذا مذهب لا بأس به في الاستدلال. ومثله أيضا ما يسوقه من الأخبار والآثار التي لا يشك في ضعفها، أو في كونها من الإسرائيليات، فهو لم يسقها لتكون مهيمنة على تفسير أي التنزيل الكريم، بل يسوق الطويل الطويل، لبيان معنى لفظ، أو سياق حادثة، وإن كان الأثر نفسه مما لا تقوم به الحجة في الدين، ولا في التفسير التام لآى كتاب الله.
فاستدلال الطبري بما ينكره المنكرون، لم يكن إلا استظهارا للمعانى التي تدل عليها ألفاظ هذا الكتاب الكريم، كما يستظهر بالشعر على معانيها. فهو إذن استدلال يكاد يكون لغويا. ولما لم يكن مستنكرا أن يستدل بالشعر الذي كذب قائله، ما صحت لغته؛ فليس بمستنكر أن تساق الآثار التي يرتضيها أهل الحديث، والتى لا تقوم بها الحجة في الدين، للدلالة على المعنى المفهوم من صريح لفظ القرآن، وكيف فهمه الأوائل ـ سواء كانوا من الصحابة أو من دونهم.
وأرجو أن تكون هذه تذكرة تنفع قارىء كتاب الطبري، إذا ما انتهى إلى شىء مما عده أهل علم الحديث من الغريب والمنكر. ولم يقصر أخى السيد أحمد شاكر في بيان درجة رجال الطبري عند أهل العلم بالرجال، وفى هذا مقنع لمن