للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحدثت في الجزء السابق عن عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثنى عشرية، رأيناهم يجعلون الإمام كالنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عصمته وصفاته وعلمه، ويرون أن الإمامة كالنبوة في كل شئ باستثناء الوحى عند جمهورهم؛ حيث يقولون بأن الأئمة لا يوحى إليهم كالنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما يقوم الإلهام مقام الوحى في عصمة الإمام وعدم خطئه، وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليسدده ويرشده ويعلمه، فلما انتقل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الرفيق الأعلى ظل الملك بعده، ولم يصعد ليؤدى الوظيفة نفسها مع الأئمة. ومع هذا الخلاف في القول بالوحى، غير انهم لم يختلفوا في القول بعصمة الأئمة.

وبمراجعة التفسير عندهم، أصوله وكتبه، رأيت أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع الأصول، وفى تناولهم لكتاب الله تعالى، ولعل بيان هذا الأثر كاف شاف في مجال التفسير المقارن بين السنة والشيعة، فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم، وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم.

والشيعة الاثنا عشرية ليسوا سواء، فمنهم من ينهج منهجا فيه شئ من الاعتدال والابتعاد عن الغلو، وصيانة كتاب الله المجيد، ومنهم الغالى المفترى الكذاب، الذي حاول أن يؤيد عقيدته في الإمامة بتحريف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى، وجعل القرآن العظيم كأى كتاب من كتب الفرق الضالة المضلة.

وفى هذا القسم الثاني من الجزء الثاني ننتقل للحديث عن التفسير وأصوله عند الشيعة: فنبين أولاً أصول التفسير عندهم ببيان دور الإمام بالنسبة للقرآن المجيد، ثم ننتقل للدراسة التطبيقية، فننظر في كتب التفسير عندهم. وما دام الشيعة ليسوا سواء فإن الدراسة تشمل الكتب التي تمثل الاتجاهات المختلفة، ونبدؤها بدراسة ثلاثة كتب ظهرت في القرن الثالث الهجرى تعتبر

<<  <   >  >>