للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلث القرآن في الأئمة! ! وثلثه في عدوهم! ! :

فالجعفرية إذن لم ينفردوا بالقول بالباطن جملة، ولكن أثر عقيدتهم في الإمامة ـ إلى جانب ما سبق ـ ظهر في التوسع في القول بالباطن إلى غير حد، حتى أن بعضهم ـ كما سيأتى ـ اعتبر ثلث القرآن فيهم، وثلثه في عدوهم، وبعضهم جعل الربع لا الثلث، وهؤلاء وأولئك نسبوا هذا الضلال للأئمة الأطهار افتراء عليهم، حتى يضلوا غيرهم، وبذلك أخضعوا كتاب الله تعالى لأهوائهم، وحرفوه ليصبح أقرب ما يكون إلى كتاب من كتب الفرق، ولم يفترقوا كثيراً عن الإسماعيلية الباطنية (١) .

وعند تناولنا لكتبهم سنرى أنهم مختلفون، فمن ناشد للاعتدال نسبيا مقترب منه، إلى راغب في الضلال هابط إلى الغلو. وقبل الحديث عن هذه الكتب نتحدث عن موضوع جد خطير، حيث يتعلق بصيانة القرآن الكريم من النقص والتحريف.


(١) مما رواه الإسماعيلية عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال " ما نزلت على من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن " ومما رووه عن الإمام الصادق ـ وهو آخر إمام يجمعهم بالجعفرية ـ أنه قال " إنا نتكلم في الكلمة الواحدة سبعة أوجه، فقال الرجل متفكراً: سبعة يا بن رسول الله؟ فقال: نعم.. وسبعين ولو استزادنا لزدناه ". " انظر أساس التأويل ص ٣٠، ٣٧ " وقالوا: " من معجزات وغرائب تأليفه ـ أي القرآن الكريم ـ أنه يأتى بالشىء الواحد وله معنى في ظاهره ومعنى في باطنه، فجعل عزوجل ظاهره معجزة رسوله، وباطنه معجزة الأئمة من أهل بيته، لا يوجد إلا عندهم، ولا يستطيع أحد أن يأتى بباطنه غير الأئمة من ذريته، وهو علم متوافر بينهم مستودع فيهم، يخاطبون كل قوم منه بمقدار ما يفهمون، ويعطون كل أهل حد منه ما يستحقون، ويمنعون منه ما يجب منعه، ويدفعون عنه من استحق دفعه ". " ص ٣١ ـ ٣٢ أساس ... التأويل ".
وإذا كان هذا المنهاج مختصاً بالإسماعيلية الباطنية، فإنا سنرى من دراستنا لكتب الجعفرية أن منها ما لا يرتفع عن هذا الدرك الأسفل، وكل يخضع كتاب الله تعالى لهواه، هذا يجعله إسماعيلياً، وذاك يحرف مثله ولكن ليجعله جعفرياً اثنى عشرياً.

<<  <   >  >>