للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإذائها حسنات تكافيها فتدخل جنة الله برحمة الله، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟ يقول العبد: لا أدرى، فيقول منادى ربنا عزوجل: فإن ربى يقول ناد إلى عرضات القيامة: ألا إني فلان بن فلان، من أهل بلد كذا وكذا، وقرية كذا وكذا، قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار، ولا حسنات لي بإزائها، فأى أهل هذا المكان لي عنده يد أو عارفة فينعتنى بمجازاتى عنها، فهذا أوان أشد حاجتى إليها. فينادى الرجل بذلك، فأول من يجيبه على بن أبى طالب: لبيك لبيك، أيها الممتحن في محبتى، المظلوم بعداوتى، ثم يأتى هو ومعه عدد كثير وجمع غفير، وإن كانوا أقل عدداً من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات، فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين، نحن إخوانه المؤمنون، كان بنا باراً ولنا مكرماً، وفى معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعاً، وقد بذلنا له جميع طاعاتنا، وبذلناها له.

فيقول على: فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك يا أخا رسول الله، فيأتى النداء من قبل الله عزوجل: يا أخا رسول الله، هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له، فأنت ماذا تبذل له؟ فإنى أنا الحاكم ما بينى وبينه من الذنوب، قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادى من الظلامات فلابد من فصل الحكم بينه وبينهم. فيقول على: يا رب أفعل ما تأمرنى. فيقول الله عزوجل: يا على، اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن لهم على ذلك، ويقول لهم: اقترحوا على ما شئتم اعطيكموه عوضاً عن ظلاماتكم قبله. فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا ... ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيوتك على فراش محمد رسول الله. فيقول على: قد وهبت ذلك لكم. فيقول الله عزوجل: فانظروا يا عبادى الآن إلى ما نلتموه من على بن أبى طالب فدى لصاحبه من ظلاماته، ويظهر لكم ثواب نفس واحد في الجنان من عجايب قصورها وخيراتها: ثم قال رسول الله: أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم المعدة لمخالفى أخى ووصيي على بن أبى طالب " (١) .


(١) ص: ٤٨ ـ ٤٩.

<<  <   >  >>