إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ " أي ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين، وقوله:
"الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ " أي المؤمنون المتصفون بهذه الصفات من إقامة الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، وهى له وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين من الضعفاء والمساكين. وأما قوله "وَهمْ رَاكِعُون"َفقد توهم بعض الناس أن هذه الجملة في موضع الحال في قوله: "وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ " أي في حال ركوعهم، ولو كان هذا كذلك لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره لأنه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى. وحتى أن بعضهم ذكر في هذا أثراً عن على بن أبى طالب أن هذه الآية نزلت فيه، وذلك أنه مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه.
وذكر ابن كثير الروايات التي تشير إلى هذا، ثم بين أنها لا يصح شئ منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها. ثم قال: وقد تقدم في الأحاديث التي أوردناها أن هذه الآيات كلها نزلت في عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - حيث تبرأ من حلف اليهود، ورضى بولاية الله ورسوله والمؤمنين، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: " وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"
كما قال تعالى: "كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أنا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ( ... أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
فكل من رضى بولاية الله ورسله والمؤمنين فهو مفلح في الدنيا والآخرة، ومنصور في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى في هذه الآية الكريمة. "