للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبق قول الإمامة بأن الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه، وهذا نوع من الجدل العقيم، لأن المراد ولاية بعض المؤمنين بعضاً لا أن يكون كل واحد منهم ولى نفسه. كما أن الخطاب موجه كذلك إلى أولئك الذي تبرءوا من ولاية اليهود فأولياؤهم المؤمنون، وهم أيضاً أولياء لغيرهم من المؤمنين، وفى مثل قوله تعالى: -

" وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " خطاب للمؤمنين جميعاً أفمعنى هذا أنه نهى لكل مسلم أن يلمز نفسه؟! قال الألوسى: كيف يتوهم من قولك مثلاً: أيها الناس لا تغتابوا الناس أنه نهى لكل واحد من الناس أن يغتاب نفسه؟! (١)

٧. من المعلوم لدى جميع العلماء - شيعة وسنة - أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلوصح ما ذكر في سبب النزول لا نطبق على كل من يتصف بالإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في حال الركوع كما ذكروا، أو الحرص على البر والإحسان وتفقد الفقراء كما أوله الزمخشري.

٨. كلمة الولى تأتى بمعنى المتولى للأمور والمستحق للتصرف فيها، وتأتى بمعنى الناصر والخليل، والسياق يحدد المعنى المراد، والقرآن الكريم عندما يأمر بموالاة المؤمنين، أو ينهاهم عن موالاة غير المؤمنين من الكفار وأهل الكتاب تأتى الموالاة بمعنى النصرة والمحبة كقوله تعالى: - " وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا" (٢)


(١) راجع تفسيره ٢/٣٣٢.
(٢) سورة النساء – الآية ٨٩.

<<  <   >  >>