والفصل الثامن أشرت فيه إلى كتب التفسير بعد الطبري. وبينت إمكان الاستغناء عن الوقوف عندها، لا لأنه يطول جداً فقط، ولكن أيضاً لأن التفسير المأثور - بعد الطبري - الذي هو حجة يستمد أساساً من مصدرين رئيسين، هما: كتب الحديث والآثار، وكتاب تفسير الطبري. وكان هذا الفصل ختاماً للقسم الأول في التفسير وأصوله عند أهل السنة.
وانتقلت بعد هذا إلى القسم الثاني الذي جعلته للتفسير وأصوله عند الشيعة الاثنى عشرية، وتحت هذا القسم سبعة فصول، تسبق بكلمة تمهيدية فيها إشارة إلى أننى بمراجعة التفسير عندهم، أصوله وكتبه، رأيت أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع الأصول، وفى تناولهم لكتاب الله العزيز، وأن بيان هذا الأثر يكفى في مجال التفسير المقارن؛ فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم، وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم.
والفصل الأول جعلت عنوانه:" القرآن الصامت والقرآن الناطق "، حيث جعلوا القرآن الكريم صامتاً لا ينطق! والإمام هو القرآن الناطق، فلا يؤخذ القرآن إلاَّ عن طريقه! والإمام كالنبى في عصمته وعلمه! وأشرت إلى مذهب الإخباريين الذين يقفون عند الأخبار دون إعمال للعقل، والأصوليين منهم الذين خالفوا الإخباريين، وذكرت قول بعضهم بالنسخ بعد عصر النبوة، وأن الحكم يمكن ألاَّ يبين في وقته من باب التقية، أو من باب التدرج في التشريع، فيمكن - بحسب زعمهم - ألاَّ يبين الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض الأحكام، ويتركها لأئمتهم الاثنى عشر لبيانها في وقتها المناسب!! هكذا زعموا!