من روايات سنن الدارمى أيضاً أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب إلى شريح: إذا جاءك شئ في كتاب الله فاقض به ولا يلتفتك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به.
ومنها أن ابن عمر لقى جابر بن زيد فقال له: يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة فلا تفت إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية، فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت.
ومنها أن عبد الله بن مسعود قال: أتى علينا زمان لسنا نقضى ولسنا هناك، وأن الله قد قدر من الأمر أن قد بلغنا ما ترون، فمن عرض له قضاء بعد اليوم فليقض فيه بما في كتاب الله عز وجل، فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به رسول الله، فإن جاءه ما ليس فى كتاب الله ولم يقض به رسول الله فليقض بما قضى به الصالحون.
ومما يبين ما جاء في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح البخارى ما رواه هو ومسلم وأحمد وغيرهم أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: أذكر الله امرأ سمع من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنين شيئا؟ فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين جارتين لى –ـ يعنى ضرتين ـ فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنينا ميتا، فقضى فيه رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغرة، فقال عمر: لو لم أسمع فيه لقضينا بغيره. وقال غيره: إن كدنا أن نقضى في مثل هذا برأينا.
وروى الإمام الشافعى بسنده عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قضى في الإبهام بخمس عشرة وإلى التي تليها بعشر، وفى الوسطى بعشر، وفى التي تلى الخنصر بتسع، وفى الخنصر بست.
ثم قال الشافعى: لما كان معروفاً - والله أعلم - عند عمر أن النبى قضى في اليد بخمسين، وكانت اليد خمسة أطراف مختلفة الجمال والمنافع، نزلها منازلها، فحكم لكل واحد من الأطراف بقدره من دية الكف، فهذا قياس على الخبر.