روى البخارى في الأدب المفرد بسنده عن ابن عقيل، أن جابر بن عبد الله حدثه أنه بلغه حديث عن رجل من أصحاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتعت بعيرا، فشددت إليه رحلى شهرا حتى قدمت الشام، فإذا عبد الله بن أنيس، فبعث إليه أن جابرا بالباب. فرجع الرسول فقال: جابر بن عبد الله؟ فقلت: نعم. فخرج فاعتنقنى. قلت: حديث بلغنى لم أسمعه، خشيت أن أموت أو تموت.. إلخ (١) .
وروى الحميدى في مسنده (١ / ١٨٩) وبسنده عن عطاء بن أبى رباح: خرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر وهو بمصر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يبق أحد سمعه من رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره وغير عقبة. فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصارى وهو أمير مصر، فأخبر به، فعجل وخرج إليه فعانقه، ثم قال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يبق أحد سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرى وغير عقبة، فابعث من يدلنى على منزله. فقال: فبعث معه من يدله على منزل عقبة، فأخبر عقبة به، فعجل فخرج إليه فعانقه وقال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال حديث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يبق أحد سمعه غيرى وغيرك في ستر المؤمن.
فقال عقبة: نعم، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" من ستر مؤمنا في الدنيا على خزيه ستره الله يوم القيامة ".
فقال له أبو أيوب: صدقت، ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة فما أدركته جايزة مسلمة بن مخلد إلا بعريش مصر.
هذان مثلان فيهما من الدلالة ما يكفى ويغنى، والرحلة في طلب الحديث معلومة مشهورة.
(١) انظر الأدب المفرد ٢ / ٤٣٣، باب المعانقة. ورواه الحاكم في المستدرك ... (٤ / ٥٧٤ – ٥٧٥) ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى على التصحيح.