القرآن بالقرآن. وحديث أبى شاه في أواخر حياة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك إخبار أبى هريرة، وهو متأخر الإسلام، أن عبد الله بن عمرو كان يكتب، وأنه هو لم يكن يكتب يدل على أن عبد الله كان يكتب بعد إسلام أبى هريرة، ولو كان حديث أبى سعيد في النهى متأخراً عن هذه الأحاديث في الإذن والجواز، لعرف ذلك عند الصحابة يقينا صريحاً. ثم جاء إجماع الأمة القطعى يعد قرينة قاطعة على أن الإذن هو الأمر الأخير، وهو إجماع ثابت بالتواتر العملى، عن كل طوائف الأمة بعد الصدر الأول رضى الله عنهم أجمعين ". ا. هـ
مما سبق نرى أن تدوين السنة بدأ في حياة الرسول نفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنها ما كتب بأمره وبين يديه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن المعلوم أن الاتجاه العام إلى جمع السنة المشرفة وتدوينها في الدولة الإسلامية إنما كان في عهد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنهم، وكانت مبايعته بالخلافة في صفر سنة تسع وتسعين، ووفاته فى رجب سنة إحدى ومائة، وهذا يعنى أن الجمع كان لكل من المكتوب منها والمحفوظ، مع مراعاة الإسناد الذى شرفت به وانفردت خير أمة أخرجت للناس. فالجمع إذن لم يكن للمحفوظ وحده، كما لم يكن لهذا المحفوظ قيمة علمية بغير الإسناد المتصل المرفوع إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الجزائرى في توجيه النظر إلى أصول الأثر (ص ٧: ٨) .
قال البخارى في صحيحه فى كتاب العلم: " وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبى بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاكتبه، فإنى خفت دروس العلم، وذهاب العلماء "، وابو بكر هذا كان نائب عمر بن عبد العزيز في الإمرة والقضاء على المدينة. روى عن السائب بن يزيد، وعباد بن تميم، وعمرو بن سليم الزرقى. وروى عن خالته عمرة، وعن خالدة ابنة أنس، ولها صحبة. قال مالك: لم يكن أحد بالمدينة عنده من علم القضاء ما كان عند أبى بكر ابن حزم.. وكتب إليه عمر بن عبد العزيز أن يكتب له من العلم ما عند عمرة