للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط، أمسكنا أيضا عن حديثهم.

وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها. فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا نستعمله " (ص: ٤٦) .

ويأتى بعد هذا باب النهى عن الرواية عن الضعفاء، والاحتياط في تحملها، ثم باب بيان أن الإسناد من الدين، وبين فيه وجوب عدم الأخذ إلا عن الثقة الثبت، ونبه إلى أمر هام حيث روى عن أبى الزناد قوله: " أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون، ما يؤخذ عنهم الحديث، يقال: ليس من أهله " (١) .

وعن يحيى بن سعيد القطان قال: " لم نر الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث "، وفسر الإمام مسلم هذا بقوله: يجرى الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب.

وقال النووى في شرحه: معناه ما قاله مسلم أنه يجرى الكذب على ألسنتهم ولا يتعمدون ذلك، لكونهم لا يعانون صناعة أهل الحديث، فيقع الخطأ في رواياتهم ولا يعرفونه، ويروون الكذب ولا يعلمون أنه كذب. وقد قدمنا أن مذهب أهل الحق أن الكذب هو الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو: عمدا كان أو سهوا أو غلطا (٢) .

وفى الكشف عن معايب رواة الحديث أورد مسلم بعض الأخبار التي تذكر أسماء بعض الكذابين والوضاعين، ومن هؤلاء جابر بن يزيد الجعفى، وروى عن غير واحد أن جابرا كان يؤمن بالرجعة، وفسرها النووى بقوله: معنى


(١) صحيح مسلم ١ / ٧٢. وقال النووى: أبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان، وكان الثورى يسميه: أمير المؤمنين في الحديث.
(٢) انظر ص ٧٩.

<<  <   >  >>