للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عظيما، وأنتم الصابرون. فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم، وأسر أبو الخطاب، فأتى به عيسى بن موسى، فأمر بقتله فضربت عنقه في دار الرزق على شاطئ الفرات وأمر بصلبه وصلب أصحابه فصلبوا، ثم أمر بعد مدة بإحراقهم فأحرقوا، وبعث برءوسهم إلى المنصور، فأمر بها فصلبت على باب مدينة بغداد ثلاثة أيام، ثم أحرقت.

فلما فعل ذلك قال بعض أصحابه: إن أبا الخطاب لم يقتل، ولا قتل أحد من أصحابه، وإنما لبس على القوم وشبه عليهم، وإنما حاربوا بأمر أبى عبد الله جعفر ابن محمد، وخرجوا متفرقين من أبواب المسجد ولم يرهم أحد، ولم يجرح منهم أحد، وأقبل القوم يقتل بعضهم بعضا على أنهم يقتلون أصحاب أبى الخطاب، وإنما يقتلون أنفسهم، حتى جن عليهم الليل، فلما أصبحوا نظروا في القتلى فوجدوهم كلهم منهم، ولم يجدوا من أصحاب أبى طالب قتيلا ولا جريحا، ولا وجدوا منهم أحدا. وهذه الفرقة هي التي قالت: إن أبا الخطاب كان نبياً مرسلاً، أرسله جعفر بن محمد، ثم إنه صيره بعد ذلك حين حدث هذا الأمر من الملائكة - لعن الله من يقول هذا. ثم خرج بعد ذلك من قال بمقالته من أهل الكوفة وغيرهم إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر بعد قتل أبى الخطاب، فقالوا بإمامته وأقاموا عليها.

وصنوف الغالية افترقوا بعده على مقالات كثيرة، واختلفوا في رئاسات أصحابهم ومذاهبهم، حتى تراقى بعضهم إلى القول بربوبيته، وأن الروح التي صارت في آدم ومن بعده من أولى العزم من الرسل صارت فيه.

وقالت فرقة منهم: إن روح جعفر بن محمد تحولت عن جعفر في أبى الخطاب، ثم تحولت بعد غيبة أبى الخطاب في محمد بن إسماعيل بن جعفر، ثم ساقوا الإمامة على هذه الصفة في ولد محمد بن إسماعيل.

وتشعبت منهم فرقة من المباركية ممن قال بهذه المقالة، تسمى القرامطة، وإنما سميت بهذا برئيس لهم من أهل السواد من الأنباط كان يلقب بقرمطويه،

<<  <   >  >>