للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول - أن يكون إصابة الواقع غالباً في مخالفتهم، فهم غالباً في ضلالة وبعد عن الواقع.

والثانى - أن يكون نفس مخالفتهم رشداً، فالمخالفة لهم حسن ذاتاً.

والثالث - أن يكون ذلك من جهة صدور الخبر الموافق تقية، فيكون الأخذ بالخبر المخالف رشداً من باب تمامية وجه صدوره بخلاف الموافق " (١) .

وبعد: فإنا لا نعجب عندما ينفث غلاة الجعفرية الرافضة وزنادقتهم سمومهم بمثل هذه الأقوال، ولكن لا ندرى كيف يصبح هذا المبدأ مقبولا عند الجعفرية جميعاً؟ وكنا ننتظر، من معتدليهم نسبياً ودعاة التقريب منهم، أن يقفوا موقفاً يتفق مع اعتدالهم الظاهرى، ودعوتهم للتقريب بين المذاهب الإسلامية.

ونضرب مثلا هنا - والأمثلة جد كثيرة - يبين كيف تمكن واضعو هذا المبدأ من توجيه المذهب الجعفرى وجهة بعيدة عن أمة الإسلام في كثير من الأحكام، وبالطبع على غير أساس من الحق، والمثل هو ما رواه الكلينى:

" عن زرارة بن أعين، عن أبى جعفر قال: سألته عن مسألة فأجابنى، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابنى، ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابنى وأجاب صاحبى، فلما خرج الرجلان قلت يا بن رسول الله، رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه، فقال: يا زرارة: إن هذا خير لنا، وأبقى لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا، ولكان أقل لبقائنا وبقائكم " (٢) .

فهنا إذن ثلاث فتاوى تعطى أحكاماً مختلفة لمسألة واحدة، ولا أساس لهذا الاختلاف سوى عدم اجتماع الشيعة على حكم واحد، حتى لا يكشف أمرهم،


(١) المرجع السابق ٢ /١٩٣.
(٢) الكافى ١ /٦٥، على أنا نرى عدم صدور هذا من سيدنا الباقر رضى الله تعالى عنه، فمتن الرواية يعنى أنه يفتى بغير دليل من كتاب أو سنة بل يتعمد المخالفة والتضليل فى أحكام الله تعالى: فهذه الرواية كأختها المقبولة المرفوضة.

<<  <   >  >>