للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذكر والمؤنث غلب المذكر، فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت. لأن الآية فيهن والمخاطبة لهن، يدل عليه سياق الكلام والله أعلم.

ثم قال القرطبى: " فكيف صار في الوسط كلام منفصل لغيرهن، وإنما هذا جرى في الأخبار أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزلت عليه هذه الآية دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين، فعمد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كساء فلفها عليهم ثم ألوى بيده إلى السماء فقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً " فهذه دعوة من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم بعد نزول الآية، أحب أن يدخلهم في الآية التي خوطب بها الأزواج، فذهب الكلبى ومن وافقه فصيرها لهم خاصة، وهى دعوة لهم خارجة من التنزيل.

وممن صير الآية لأهل الكساء خاصة أبو جعفر الطحاوي، فقد انتهى إلى هذا في كتابه مشكل الآثار (١) وبنى رأيه على مجرد احتمالات فقال: إن أم سلمة من أهله لأنها من أزواجه، وأزواجه أهله، كما قال في حديث الإفك: " من يعذرنى من رجل قد بلغ أذاه في أهلي؛ والله ما علمت في أهلي إلا خيراً " ليحتمل أن يكون قوله لأم سلمة أنت من أهلي من هذا المعنى أيضاً لا أنها من أهل الآية المتلوة في هذا الباب. واستدل ببعض الروايات المذكورة عنها، وفى بعضها: وما قال إنك من أهل البيت، وفى أخرى: أنت من أزواج النبي، وأنت على خير أو إلى خير.

وفى رواية: قلت يا رسول الله: ألستُ من أهلك؟ قال: بلى (٢) .


(١) انظر كتابه ١/٣٣٢-٣٣٩.
(٢) وذكر القرطبى عن القشيرى قال: قالت أم سلمة: أدخلت رأسى في الكساء وقلت: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: نعم. (انظر تفسيره ١٤/١٨٣) وقال الزمخشري: " أهل البيت" نصب على النداء أو على المدح. وفى هذا دليل بين على أن نساء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أهل بيته ". ... (انظر الكشاف ٣/٢٦٠) .

<<  <   >  >>