منصور، والدارمى، ومسانيد إسحاق بن راهويه، وبقى بن مخلد، والبزار، وأبى يعلى. غير أن ذاك القرن ضم أيضاً من حاول هدم السنة المطهرة.
ننظر مثلاً إلى كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦ هـ، فنراه جعل كتابه فى الرد على أعداء أهل الحديث، والجمع بين الأخبار التى ادعوا عليها التناقض والاختلاف، والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة أو المشكلة بادئ الرأى. ولا يكتفى ابن قتيبة بالرد على الشبه، وبيان سوء فهم من أثاروا تلك الشبه، وإنما يتحدث عن الأشخاص أنفسهم الذين أثاروها حتى يعرف القارئ سبب عدائهم لأهل الحديث.
فيذكر منهم النظام ويقول: وجدنا النظام شاطراً من الشطار، يغدو على سكر، ويروح على سكر، ويبيت على جرائرها، ويدخل فى الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات ... إلخ.
وذكر أن النظام خرج على إجماع الأمة، وطعن فى أبى بكر وعمر وعلى وابن مسعود وأبى هريرة، ثم عقب ابن قتيبة بعد هذا بقوله: هذا هو قوله ـ أى النظام ـ فى جلة أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورضى عنهم، كأنه لم يسمع بقول الله عز وجل فى كتابه الكريم:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} إلى آخر السورة، ولم يسمع بقوله تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ}(١) .
وبعد حديثه عن النظام، ورده عليه يقول: ثم نصير إلى قول أبى هذيل العلاف فنجده كذاباً أفاكاً ... إلخ.
(١) راجع حديثه عن النظام، ومناقشته له فى ص ١٧: ٤٢.