ويقول فى الصفحات من١٣١ إلى ١٣٣: كان الشكل الغالب للملكية فى شبه جزيرة العرب فى الجاهلية وفى زمن رسول الله عليه السلام هو الملكية المنقولة دون العقارية. وكان يمكن للبدوى أن يحمل راحلته كل ما يملكه وينتقل به من موطن إلى موطن سعياً وراء الماء والكلأ. وبالتالى فقد كان الاعتداء على السارى فى الصحراء بسرقة ناقته بما تحمل من ماء وغذاء وخيمة وسلاح، فى مصاف قتله. لذلك كان من المهم للغاية أن تقرر الشريعة عقوبة حازمة رادعة بالغة الشدة لجريمة السرقة فى مثل هذا المجتمع. أما وقد دخل الإسلام مجتمعات تعرف شكلاً من الملكية أهم من الملكية المنقولة، وأصبح سلب الرجل قربة مائة لا يعنى أمراً جللاً، فقد يجد المجتمع عقوبة لجريمة السرقة غير العقوبة فى المجتمع البدوى، دون أن يكون اختياره للعقوبة الثانية خروجاً على الإسلام وروحه. بالعكس، فإن الالتزام بروح الإسلام يقتضى منا اختيار هذه العقوبة الثانية، حيث إنها ـ فى المجتمع غير البدوى ـ تحقق نفس النتائج المرجوة التى توخاها الإسلام فى المجتمع البدوى.
إن الشاعر يقول:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
بمعنى أن المعاملة الواحدة فى حالتين مختلفتين ستسفر حتماً عن نتيجتين متنافرتين. فى حين يعلم أى معلم صبيان مثلاً أن هناك وسائل متباينة لمعاملة صبية مختلفى الطباع والمستوى، للوصول إلى نتيجة واحدة، وهى التلقى الحسن للعلم.
وكذلك بالنسبة للحجاب الذى فرض فى المدينة حيث كان النساء يلقين من المتسكعين من شبان المدينة كل مضايقة وعبث كلما خرجن وحدهن إلى الخلاء، فنزلت آية {يَا أَيُّها النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن