للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفاروق عدل من أحكام عندما بلغته السنة؟ وغير الشيخين من الصحابة رضى الله عنهم ورضوا عنه، الذين اعتصموا بالكتاب والسنة معاً، فلا إسلام بدونهما، ولا حكم إلا لهما، فكيف إذن يقول مسلم بأن السنة ليست مصدراً من مصادر التشريع وإنما لجأ إلى هذا التابعون، والفقهاء والعلماء هم الذين كذبوا على الله ورسوله فاختلقوا السنة؟ ! كيف يقول هذا مسلم؟ ولكن لا غرابة بعد أن عرفنا رأيه فى القرآن الكريم نفسه.

ولوضع الأحاديث واستباحة الكذب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسباب كثيرة تحدث عنها العلماء. وكان من نتائج هذا ما رأيناه من جهود الأئمة الأعلام لحفظ السنة المطهرة، وتنقيتها من هذا الزيف. ومنذ وقت مبكر بدأ النظر فى الإسناد، فكما قال ابن سيرين: ما كانوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم.

أى أن الإسناد بدأوا ينظرون فيه فى عهد الخليفة الثالث ذى النورين رضى الله عنه عندما وقعت الفتنة، فإذا كان الراوى من ذوى الأهواء أو المجروحين لم يؤخذ عنه الحديث. وقال ابن سيرين أيضاً: لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.

فليس الأمر كما قال المستشرقون وأبواقهم من أن السنة وضعت فى القرن الثانى، فالواقع العملى وكتب السنة، تشهد بكذبهم، ومن فضل الله سبحانه وتعالى على المسلمين أن وفق هؤلاء الأئمة، فكشفوا الوضّاعين، وبينوا علامات الوضع فى السند، وعلاماته فى المتن، وذكروا لنا كثيراً من هذه الأحاديث الموضوعة أفردت لها مؤلفات للتحذير منها، ونبه على بعضها فى مؤلفات أخرى جمعت بين الموضوع وغيره.

والكاتب لا يسلك المنهج العلمى فى كلامه عن أسباب الوضع، وإنما يأخذ شيئاً قليلاً من الأسباب الحقيقية ويخلطه بكلام المستشرقين، فيطعن فى أئمة أثبات أعلام، بل فى صحابة كرام بررة، ويبدو مضطرباً كاللص وهو يأخذ من هنا

<<  <   >  >>