وذكر الدكتور السباعى ما نقله المستشرق عن يزيد بن هارون " إن أهل الحديث بالكوفة فى عصره ما عدا واحداً كانوا مدلسين ".
ثم أخذ الشيخ يبين المراد باصطلاح التدليس عند المحدثين، والمقبول منه والمرفوض، والكلام فى التدليس مفصل فى كتب مصطلح الحديث، والمدلسون معروفون، والكلام عنهم مفصل فى كتب الجرح والتعديل.
وهذا المفكر المسلم كان أسوأ وأقبح من اليهودى اللعين، ويبدو أنه يجهل مفهوم التدليس، فبنى على ما قرأه لسيده المستشرق اليهودى قولاً يهدم ـ فى زعمه ـ كل صحيح ثابت ثبوت الجبال فى زعمه.
فقال:" أما الإسناد الذى من شأنه أن يكسب القول وقاراً وينيله التصديق، فكان أمره هيناً وشكلياً محضاً، فبوسع أى مختلق أن يدلس حديثاً ويصدره بسلسلة ذهبية من الإسناد، يراعى فيها الاتصال بين المحدث وكاتب الحديث، أو حتى دون أن يراعيه ". (ص ٥١)
فالكاتب يريد أن يهدم الإسناد الذى فاق به المسلمون البشرية جمعاء فيذكر هذا القول الجاهل. فالسلسلة الذهبية هى ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر، ولا تكون ذهبية إلا إذا كان من سمع من الإمام مالك عدلاً ضابطاً ثقة، وعادة لا يكون واحداً هو الذى سمع وإنما يكون الإمام أثبته فى الموطأ أو حدث به تلامذته، أو مجموعة من المسلمين. وإذا جاء مختلق ـ كما يقول الجاهل (المفكر المسلم!!) وقال: حدثنى مالك، فإن الحديث يكون موضوعاً غير مقبول لوجود هذا المختلق، فالحديث يحمل على أقل درجة فى رجال الإسناد. فإذا وجدنا حديثاً متصل الإسناد، وكل رواته فى أعلى مراتب التوثيق والعدالة والضبط ما عدا واحداً؛ وهذا الواحد مختلق، فالحديث يحمل على هذه الدرجة السفلى، فيحكم عليه علماء الحديث بأنه موضوع لا يجوز الاحتجاج به ولا يحل كتابته إلا على سبيل التحذير.