للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عهد في الآخرة الظالمين، وأما في الدنيا فقد ناله الظالم فآمن به وأكل وعاش، وكذا قال إبراهيم النخعى وعطاء والحسن وعكرمة. وقال الربيع بن أنس: عهد الله الذي عهد إلى عباده دينه، يقول لا ينال الظالمين، ألا ترى أنه قال:

" وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ " (١)

يقول: ليس كل ذريتك يا إبراهيم على الحق، وكذا روى عن أبى العالية وعطاء ومقاتل بن حيان، وقال جويبر عن الضحاك: لاينال طاعتي عدو لي يعصيني، ولا أنحلها إلا ولياً يطيعني. وروى عن على بن أبى طالب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا ينال عهدي الظالمين " قال: " لا طاعة إلا في المعروف. فالآية الكريمة إذا اختلف في تأويلها، والقطع بأن المراد هو ما ذهب إليه الجعفرية من التأويل ينقصه الدليل، ورد باقي الأدلة.

٢. ولكن مع هذا فلا خلاف بأن الظالم لا يصلح لإمامة المسلمين، قال الزمخشري: " وكيف يصلح لها من لايجوز حكمه وشهادته، ولا تجب طاعته، ولا يقبل خبره، ولا يقدم للصلاة؟ وكان أبو حنيفة رحمه الله يفتى سراً بوجوب نصرة زيد بن على رضوان الله عليهما، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة كالدوانيقى (٢) وأشباهه، وقالت له امرأة: أشرت على بنى بالخروج مع إبراهيم ومحمد بنى عبد الله بن الحسن حتى قتل: فقال ليتنى مكان ابنك وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنما هو لكف


(١) سورة الصافات – الآية ١١٣.
(٢) اللص المتغلب والخليفة الذي ذكره الزمخشري هو هشام بن عبد الملك، وأما الدوانيقى فهو المنصور أخو السفاح، سمى بذلك قيل لبخله، وقد ذكر يعض المصنفين أنه لم يكن بخيلاً (البحر المحيط ١/٣٧٨) .

<<  <   >  >>