الأعمش بلفظ: ما كان أفضلهم ولكنه كان أحفظ. (وانظر المستدرك ٣ / ٥٠٩، سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٩٧) وابن حجر بعد أن ذكر عدة أخبار تبين حفظ وفضل هذا الصحابى الجليل، قال: والأخبار فى ذلك كثيرة (الإصابة ٤ / ٢٠٨) .
وابن كثير ذكر قول أبى صالح بلفظ:" كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولم يكن بأفضلهم ". (البداية ٨ / ١٠٦) . وفى موضع سابق (٨ / ١٠٤) قال ابن كثير: " قد لزم أبو هريرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد إسلامه فلم يفارقه فى حضر ولا سفر، وكان أحرص شىء على سماع الحديث منه وتفقه عنه، وكان يلزمه على شبع بطنه ". ثم ذكر حديثاً رواه الإمام أحمد وفيه:" قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يحببنى وأمى إلى عباده المؤمنين، فقال: اللهم حبب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما، قال أبو هريرة: فما خلق الله من مؤمن يسمع بى ولا يرانى أو يرى أمى إلا وهو يحبنى ".
ثم عقب الحافظ ابن كثير على هذا الحديث بقوله:
وقد رواه مسلم من حديث عكرمة عن عمار نحوه. وهذا الحديث من دلائل النبوة، فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس. قد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في سائر الأقاليم في الإنصات يوم الجمعة بين يدى الخطبة والإمام على المنبر، وهذا من تقدير الله العزيز العليم، ومحبة الناس له رضى الله عنه.
من أسباب كثرة مروياته:
وهكذا نرى أن أبا هريرة رضى الله تعالى عنه قد بورك في الفترة الزمنية القصيرة التي شرف فيها بصحبة خير البشر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلى جانب هذا فقد بارك الله سبحانه وتعالى له في باقى عمره في الإسلام حيث استطاع أن يعوض كثيراً مما فاته، فلم يكتف بالرواية عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى عن كبار الصحابة الذين