للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى عنهم في وقت كمال إيمانهم وغاية عدالتهم) ، ثم قال: " ومن كفر أو ظلم ثم تاب وأصلح لا يصح أن يطلق عليه أنه كافر، أو ظالم في لغة وعرف وشرع، إذ قد تقرر في الأصول أن المشتق فيما قام به المبدأ في الحال حقيقة وفى غيره مجاز، ولا يكون المجاز أيضاً مطرداً بل حيث يكون متعارفاً وإلا لجاز صبى لشيخ ونائم لمستيقظ وغنى لفقير وجائع لشبعان وحى لميت وبالعكس، وأيضاً لو اطرد ذلك يلزم من حاف لا يسلم على كافر فسلم على إنسان مؤمن في الحال إلا أنه كان كافراً قبل سنين متطاولة أن يحنث، ولا قائل به " (١) .

٥. ليس من المقطوع به أن الإمام عليا لم يسجد لصنم قط، ولم أجد أثراً صحيحاً يؤيد هذا، ولكن يرجحه أن الإسلام أدركه وهو صبى، وأنه تربى في بيت النبوة، واقتدى بابن عمه سيد المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتخلق بخلقه، ولهذا كان أول من أسلم بعد خديجة رضي الله تعالى عنهما.

والذين لم يسجدوا للأصنام كثيرون كالصحابة الذين عاشوا في بيئة إسلامية في صغرهم فنشئوا على الإسلام، ثم الذين ولدوا في هذه البيئة، فلا اختصاص لأمير المؤمنين هنا.

٦. العصمة من الخطأ كبيره وصغيره، عمداً وسهواً ونسياناً من المولد إلى الممات أمر يتنافى مع الطبيعة البشرية، فلا يقبله العقل إلا بالدليل قطعى من النقل. وهذه الآية الكريمة لا تثبته للأئمة عموماً فضلاً عن أئمة الجعفرية على وجه الخصوص، على أن دلالة القرآن الكريم تتنافى مع مثل هذه العصمة حتى بالنسبة لخير البشر جميعاً الذين اصطفاهم الله تعالى للنبوة والرسالة. وقد أثبتُّ هذا من قبل في بحثى الذي نلت به درجة الماجستير (٢) ، وسيأتي الحديث عن العصمة في الفصل الخامس من هذا الجزء.


(١) انظر تفسير الآلوسى ١/٣٠٧ - ٣٠٨.
(٢) انظر فقه الشيعة الإمامية ومواضع الخلاف بينه وبين المذاهب الأربعة ج١ ص ٣٧:١٨.

<<  <   >  >>