أصول الفقه عند الشيعة الاثنى عشرية أربعة هي: الكتاب، والسنة، والإجماع والعقل، وتحدثنا عما يتصل بالكتاب والسنة في الجزأين الثاني والثالث، ولذلك اكتفيت هنا بالإشارة السريعة إلى ما سبق بيانه ثم تحدثت عن الإجماع والعقل، وجعلت أصول الفقه في الباب الأول، أما الفقه فقد خصصته ببابين، يليهما خاتمة للكتاب كله بأجزائه الأربعة.
والغاية من البابين الثاني والثالث أن نستخرج الأحكام الفقهية التي ذهب إليها الجعفرية الاثنا عشرية تأثراً بعقيدتهم في الإمامة، أي أنها أحكام لا تصح إلا بصحة الإمامة التي يعتقدونها.
والجزء الأول تكفل بمناقشة الإمامة، وانتهينا منه إلى أن عقيدة الإمامة عند الجعفرية الاثنى عشرية لا مستند لها من كتاب ولا سنة، وأن الأدلة أثبتت غير ما ذهبوا إليه، وما دمنا قد انتهينا من بحثنا إلى هذه النتيجة فلا حاجة إذن إلى مناقشة ما نذكره من الآراء الفقهية المرتبطة بالإمامة عندهم، فما بنى على باطل فهو باطل.
وقد يقال: إن هذه الآراء الفقهية ربما يكون لها أدلة استندوا إليها، وهذا يستدعى مناقشة الأدلة، فنقول: إن الآراء التي ستذكر في هذا الجزء لها أدلتها عندهم فعلاً ولكن الأدلة هي أيضاً أثر من آثار الإمامة، أي أنها مبنية على العقيدة التي أثبتنا عدم صحتها، مثال هذا ما ذكرناه في أواخر الجزء الثاني عن أثر الإمامة في الحج: من حيث الأحكام، والروايات التي وردت في كتب السنة عند الجعفرية الرافضة، وقد رأينا أن واضعي الروايات أكثر غلواً من واضعي الآراء الفقهية، وقد أثبتنا في الجزء الثالث أن جميع الأخبار المتصلة بأئمتهم الاثنى عشر وضعت في عصور متأخرة.
فالآراء الفقهية التي تعتبر نتيجة التأثر أو الغلو في عقيدة الإمامة لا مستند لها من كتاب أو سنة، وإنما تستند إلى روايات ينسب أكثرها للأئمة، ومع أن الأدلة أثبتت عدم صحة إمامتهم بالطريقة التي يذهب إليها الجعفرية الرافضة، إلا أن