للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كنا ندرك علاقة الحسن بالمصلحة، والقبح بالمضرة، أفيعنى هذا أن الشيعة يأخذون بالمصلحة؟

يقول أحد علمائهم المعاصرين (١) في تلخيص وتعقيب بعد دراسة مقارنة للمصالح المرسلة:

إن تعاريف المصالح المرسلة مختلفة، فبعضها ينص على استفادة المصلحة من النصوص والقواعد العامة، ومقتضى هذا النوع من التعاريف إلحاقها بالسنة، والاجتهاد فيها إنما يكون من قبيل تحقيق المناط بقسمه الأول، أي تطبيق الكبرى على صغراها بعد التماسها أي الصغرى ـ بالطرق المجعولة من الشارع لذلك، ولا يضر في ذلك كونها غير منصوص عليها بالذات، إذ يكفي في إلحاقها بالسنة دخولها تحت مفاهيمها العامة. وأما على تعاريفها الأخرى فينحصر إدراكها بالعقل.

والذي ينبغى أن يقال عنها أنها تختلف من حيث الحجية باختلاف ذلك الإدراك، فإن كان ذلك الإدراك كاملاً – أي إدراكاً للمصلحة بجميع ما يتعلق بها في عوالم تأثيرها في مقام جعل الحكم لها من قبل المشرع – فهي حجة. ورفض الأخذ بالمصلحة إذا لم يكن إدراك العقل لها كاملاً، كأن يدركها مع احتمال وجود مزاحم لها يمنع من جعل الحكم.

وانتهي إلى قوله: " وبهذا يتضح أن الشيعة لا يقولون بالمصالح المرسلة إلا ما رجع منها إلى العقل على سبيل الجزم " (٢) .

ومما يتصل بهذا الأصل الرابع فتح الذرائع وسدها، حيث يعتبرون فتحها وسدها تابعاً للعقل أو السنة، " لأن اكتشاف حكم المقدمة إما أن يستفاد من العقل


(١) هو الشيخ محمد تقى الحكيم أستاذ الأصول والفقه المقارن في كلية الفقه بالنجف، انظر المصالح المرسلة في كتابه " الأصول العامة للفقه المقارن " ص ٣٨١-٤٠٢ وانظر تلخيصه وتعقيبه ص ٤٠٢-٤٠٤.
(٢) ص ٤٠٤.

<<  <   >  >>