للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أصول الفقه للمظفر (٣ / ١٩) قال المؤلف: " من تصريحات المحقق والشهيد الأول يظهر أنه لم تتجل فكرة الدليل العقلي في تلك العصور، فوسعوا في مفهومه إلى ما يشمل الظواهر اللفظية مثل: لحن الخطاب و٠٠٠ إلخ ".

والمحقق توفي سنة ٦٧٦ هـ، والشهيد الأول توفي سنة ٧٨٦ هـ.

والجعفرية الاثنا عشرية ـ كما ذكرنا من قبل ـ ينقسمون إلى أصوليين وهم الكثرة الغالبة، وإخباريين وهم قلة قليلة، والذين اتخذوا من العقل دليلاً بعد الأدلة الثلاثة هم الأصوليون، أما الإخباريون فإنهم يأبون تحكيم العقل في الأمور الشرعية، ويكتفون بما ورد عن أئمتهم في كتب الحديث الأربعة.

هذا هو الدليل الرابع عند الجعفرية الاثنى عشرية، وأثر الإمامة هنا لا يبدو واضحاً كما رأينا في الأدلة الثلاثة، ولكن يمكن القول بأن الإخباريين عندما رفضوا الأخذ بهذا الدليل تأثروا بعقيدتهم في الإمامة حيث اكتفوا بما ورد عن الأئمة. وهذا الاتجاه يتفق مع ما يراه جمهور الجعفرية من عدم الاجتهاد في زمن الأئمة حيث يرجع إليهم، وأقوالهم ليست اجتهاداً ـ في نظر الجعفرية ـ وإنما سنة كسنة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سبق بيانه، غير أن الإخباريين استمروا في المنع من الاجتهاد بعد عصر الأئمة، بل قالوا: " بالمنع عن الاحتياج إلى علم الأصول والمنع عن تدوينه، بل عن بعضهم أنه بدعة محرمة ".

وقالوا: " إن هذا العلم مما أحدثه العامة – أي جمهور المسلمين- فسرى منهم إلى أصحابنا الإمامية في زمن الغيبة، ولم يكن يعرفه أصحاب الأئمة. فلولا أنه من البدع المستحدثة والطرق المخترعة الممنوع عنها في الشريعة لما أهمل بيانه أهل العصمة " (١) .


(١) الحاشية على الكفاية ٢/٢١١.

<<  <   >  >>