للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورووا عن الإمام الصادق أنه سئل عن سؤر اليهودي والنصراني، فقال: " لا ". ورووا كذلك عنه أنه كره سؤر ولد الزنى، وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الإسلام، وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب (١) .

وقد وافق الظاهرية الإمامية في الحكم بنجاسة المشركين نجاسة عينية، مستدلين بالآية الكريمة، وبحديث إنزاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفد ثقيف المسجد، وتقريره لقول الصحابة: قوم أنجاس، لما رأوه أنزلهم المسجد، وقوله لأبى ثعلبة لما قال له: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل الكتاب أفناكل في آنيتهم؟

قال: " إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها " (٢) .

ويجاب عن ذلك كله بأن المراد من الآية الكريمة أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، والحجة على صحة هذا التأويل: أن الله سبحانه أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة. وحديث إنزال وفد ثقيف صريح في نفي النجاسة الحسية لا في إثباتها، فبعد قول الصحابة قوم أنجاس، قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء، إنما أنجاس القوم على أنفسهم ".

وحديث أبى ثعلبة الأمر فيه بغسل الآنية ليس لتلوثها برطوباتهم بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها، يدل على ذلك ما عند أحمد وأبى داود من حديث أبى ثعلبة أيضاً بلفظ: " إن أرضنا أرض أهل الكتاب، وإنهم يأكلون لحم الخنزير، ويشربون الخمر، فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ "

وحديثه الأول مطلق، وهذا مقيد بآنية يطبخ فيها ما ذكر، ويشرب، فيحمل المطلق على المقيد، ويجوز حمله على كراهية الأكل في آنيتهم للاستقذار لا لكونها


(١) انظر الاستبصار ١ / ١٨. والوسائل ١ / ٢٢٤.
(٢) انظر نيل الأوطار ١ / ٢٥.

<<  <   >  >>