للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغسل ولو مجازاً، والعكس غير صحيح، لأن الغسل مسح وزيادة، وتحديد طهارة الرجلين قرينة، وليست دلالة قائمة بذاتها.

وقالوا في مثل " علفتها تبناً وماء بارداً " بأن ذلك إنما يجوز ـ على ضعفه إذا استحال حمله على ظاهره.

ومما لا شك فيه أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا بين أن المقصود هو المسح، أو الغسل، فإن الآية الكريمة لا تأبى ذلك ولا تعارضه.

فكل من الفريقين إذا له ما يؤيد وجهة نظره، وبهذا لا تعد الآية الكريمة نصاً في إيجاب الغسل أو المسح إلا بالرجوع إلى صاحب الشريعة - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والشيعة يذهبون إلى أنه كان يمسحهما، والمذاهب الأربعة يذهبون إلى أنه واظب على غسلهما، فلننظر في أدلة كل منهما.

يروى الشيعة (١) عن الأئمة عدة روايات أنهم حكوا وضوء الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمسحوا رءوسهم وأرجلهم ببقية البلل، لم يجددوا ماء. وعلى هذا ذهبوا إلى وجوب مسح الرجلين ببقية البلل.

ووردت عن طريقهم أخبار تناقض ما ذهبوا إليه، من ذلك ما روى عن الإمام الصادق في الرجل يتوضأ الوضوء كله إلا رجليه، ثم يخوض الماء بهما خوضاً، فقالوا: أنه محمول على التقية (٢) .

وروى عن الإمام زيد بن على عن آبائه عن على كرم الله وجهه قال: جلست أتوضأ فأقبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ابتدأت في الوضوء فقال لى: تمضمض واستنشق واستن. ثم غسلت ثلاثاً فقال: قد يجزيك من ذلك المرتان، فغسلت


(١) أدلتهم تجدها في مراجعهم التي ذكرناها من قبل.
(٢) انظر: الاستبصار جـ ١ ص ٦٥.

<<  <   >  >>