للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورووا عن الإمام الصادق أنه قال: إذا توضأت فامسح قدميك ظاهرهما وباطنهما. ثم قال: هكذا: فوضع يده على الكعب وضرب الأخرى على باطن قدميه، ثم مسحهما إلى الأصابع.

فحملوا هذا الخبر على التقية أيضا (١) ، مع أنه قال امسح ولم يقل اغسل، وفيه أنه وضع يده على الكعب لا على الكعبين، فمذهبهم أن الرجل لها كعب واحد وهي قبة القدم، ولم يوافقهم في هذا التحديد إلا بعض الحنفية (٢) ومع هذا حملوه على التقية لأنه يخالف ما ذهبوا إليه من عدم استيعاب الرجل في المسح.

ورووا عنه أيضاً أنه قال في مسح الرأس ومسح القدمين، مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس ومؤخره، ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما. وقد حملوه كالسابق


(١) انظر الوسائل ٢/١٧.
(٢) ويرد هذا التحديد أنه خلاف المشهور في العرف، قال أبو عبيد: الكعب هو الذي في أصل القدم، منتهي الساق إليه، بمنزلة كعاب القنا، كل عقد منها يسمى كعبا، وقد روى أبو القاسم الجزلى عن النعمان بن بشير قال: كان أحدنا يلزق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة، ومنكبه بمنكب صاحبه. رواه الخلال، وقاله البخارى. وروى أن قريشا كانت ترمى كعبى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ورائه حتى تدميهما، ومشط القدم أمامه. وقد اعترض على ذلك بأن قوله تعالى {إِلَى الْكَعْبَينِ} يدل على أن في الرجلين كعبين لا غير، ولو كان لكل رجل كعبان لكانت كعاب الرجلين أربعة. ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن المراد غسل كل رجل إلى الكعبين، إذ لو أراد كعاب جميع الأرجل لقال: " الكعاب " كما قال تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} . انظر: المغنى ١/١٢٥ –١٢٦: وانظر كذلك: المبسوط ١/٩: حيث ذكر حديثا عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو: " ألصقوا الكعاب بالكعاب في الصلاة "، واستدل كذلك بقوله تعالى: {إِلَى الْكَعْبَينِ} ، وبين أن تفسير الكعب بأنه المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك جاء عن طريق رواية رواها هشام عن محمد، وأن هذا سهو من هشام، وارجع إلى أحكام القرآن لابن العربى جـ ٢ ص ٥٧٧.

<<  <   >  >>