للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد عن طريقى السنة والشيعة ما يفيد جواز الصب في الوضوء، وفي روايات أخرى كراهة ذلك. وإن كان المروى في الكراهة عن طريق أهل السنة ضعيفاً. ولم يرد عن الطريقين ما يفيد التحريم (١) .

فبم إذن استدل الشيعة على ماذهبوا إليه؟

احتجوا (٢) بالوضوءات البيانية، وبظاهر الأوامر بالغسل والمسح فإنها تقتضى المباشرة، وإرادة كون الفعل مستنداً إلى المأمور به. وقوله تعالى: "" فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ "" خطاب لنا يجب علينا امتثاله، وإنما يتحقق الامتثال بوقوع الفعل منا، وصدوره عنا.

وإذا صح ذلك فإنه يتعلق بمباشرة الغسل والمسح. فلم يثبت عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه وكل غسل أعضاء وضوئه إلى أحد. أو قال بجواز ذلك. وهنا يكون الامتثال والاتيان بالفعل، أما الصب على اليد والصب على الأعضاء، فكله استعانة بجنس الصب، وهو ما أفادت الأدلة جوازه، كحديث المغيرة " فصببت عليه - أي على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وضوءه للصلاة "، وحديث صفوان بن عسال: " صببت الماء على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السفر والحضر في الوضوء ".

وعن طريق الشيعة رواية أبى عبيدة الحذاء " وضأت أبا جعفر - عليه السلام - بجمع وقد بال، فناولته الماء فاستنجى، ثم صببت عليه كفاً فغسل به وجهه، وكفاً غسل به ذراعه الأيمن، وكفا غسل به ذراعه الأيسر، ثم مسح بفضلة الندى رأسه ورجليه " (٣) .


(١) انظر الموضع السابق من الشرح الكبير، وحاشية ابن عابدين، وانظر نيل الأوطار ١/٢١٩-٢٢٠، وصحيح مسلم: باب المسح على الخفين، والنسائى: باب صفة الوضوء، وابن ماجه: باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه.
(٢) انظر في ذلك: الانتصار ص ١٧ -١٨، والحقائق ١/١٨٤-١٨٥.
(٣) الوسائل ١ / ٢٧٣.

<<  <   >  >>